aboody Admin
عدد الرسائل : 375 تاريخ التسجيل : 06/09/2007
| موضوع: القبعة الخضراء الثلاثاء نوفمبر 13, 2007 5:26 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في مدينة بغداد عاصمة العراق، تعيش ندى مع أمها المريضة وترعاها وتعتني بها. ومع أن ندى لا تزال في الثانية عشرة من عمرها لكنها تعودت أن تقوم بأعباء المنزل منذ أن توفي والدها. وندى لا ترعى أمها وتقوم بكل الأعمال في البيت فحسب بل تقوم بتطريز قبعات للأطفال وتبيعها في السوق لتشتري بثمنها الطعام والدواء لوالدتها. ولم تهمل ندى بالرغم من كل المسؤوليات الملقاة على عاتقها دراستها، فهي تدرس في البيت مستعينة بجارتها التي كانت تعمل مدرسة قبل الحرب لكنها اضطرت للبقاء في المنزل، وهي تقوم بإعطاء دروس للأطفال وتأخذ منهم أجرا زهيدا. وفي أحد الأيام، أرادت ندى أن تذهب إلى السوق لتبيع القبعات بعدما سهرت معظم الليل على تطريزها، لكنها شعرت بأن والدتها متعبة جدا فقررت أن تبقى في المنزل إلى جانبها. وعندما لاحظت الأم أن ندى لم تخرج إلى السوق كالعادة قالت لها:
* ما بك يا ابنتي؟ ولماذا لم تذهبي اليوم إلى السوق؟ لا عليك يا أمي فقد كنت تتقلبين طيلة الليل على فراشك وكنت تأنين من الألم فخفت أن أتركك في البيت وحيدة.
* لا تخافي يا صغيرتي، فقد كنت أحلم بكابوس مريع وأنا الآن بخير، يمكنك الذهاب إلى السوق فالطعام يكاد ينفد. حاضر يا أمي سأذهب الآن لكنني سأحاول العودة بسرعة. وخرجت ندى من البيت قاصدة السوق بعدما قبلت أمها، وفي الطريق التقت الفتاة بجارتها المدرسة فحيتها وقالت لها:
* آسفة يا سيدة لطيفة لن أستطيع اليوم الحضور إلى منزلك فأنا أشك أن أمي متعبة مع أنها أكدت لي غير ذلك. ما بها يا ندى؟
*قالت إن ليس بها شيء لكنني أشعر بأنها متعبة فبالأمس لم أعطها حبة الدواء لأنني لم أكن أملك المال الكافي لشراء دواء جديد بعدما نفد القديم. لم لم تطرقي بابي يا ندى؟.
* لا أخفيك يا سيدة لطيفة أنني فكرت بالأمر لكنني خجلت فأنا أعرف أن المال الذي تأخذينه من الأطفال يكاد لا يكفي لشراء احتياجات أطفالك اليتامى. ألا تعرفين يا ندى أن الله يطرح البركة في المال القليل؟
* أعرف يا سيدتي فأنا ألاحظ ذلك عندما أشتري أشياء كثيرة بالمال القليل. هنيئا لك يا صغيرتي على هذا الفكر الواعي. والآن تعالي معي لأعطيك ما تريدين من مال.
* شكرا لك سيدة لطيفة فأنا ذاهبة إلى السوق لأبيع القبعات وأحضر المال.
قد لا تستطيعين بيع القبعات كلها وأمك محتاجة إلى الدواء الان، تعالي معي وبعدها تذهبين إلى السوق. مشت ندى مع المدرسة باتجاه البيت، وفي الطريق رأت متسولا يمد يده فتأسفت لأنها لا تملك المال لإعطائه لكنها راحت تدعو له بالرزق. أما المدرسة لطيفة فقد راحت تبحث في حقيبتها عن قطعة عملة صغيرة فوجدت مائتين وخمسين دينارا أعطتها للمتسول فراح يدعو لها ولندى.
وصلت ندى مع المدرسة لطيفة إلى البيت، وعندما همت المدرسة بفتح الباب، قالت لها ندى: أريد يا سيدتي أن أطمئن على والدتي أولا. اذهبي يا ندى وفي هذا الوقت سوف أحضر لك المال. دخلت السيدة لطيفة منزلها بينما استدارت ندى متجهة إلى بيتها، وبالقرب من المنزل لمحت ندى المتسول الذي كانت قد رأته مع المدرسة في الطريق. راح المتسول ينظر إلى ندى بإمعان مما أثار فضولها فاقتربت منه وقالت: من أنت أيها المتسول ؟ وماذا تفعل هنا؟ أنا لست متسولا، فقد كنت قبل الحرب موظفا في البريد لكن الحرب شردتني وجعلتني بلا مأوى وها أنا أجلس على قارعة الطريق وأحاول أن أكسب لقمتي من تعبي. وهل تعتبر التسول عملا؟ قلت لك إني لست متسولا فأنا الآن أصنع لعبا بسيطة للأطفال وأبيعها في السوق وأستطيع بثمنها الحصول على لقمة العيش. وبيتك؟ أنا أسكن في الشارع وأنام في أي مكان حتى لو كان مأوى للقطط الشاردة. وقبل أن تتلفظ ندى بالكلام، قال الرجل: أراك كل يوم في السوق تبيعين قبعات للأطفال في الوقت الذي أبيع فيه الدمى. لكنني لم أرك هناك أبدا. أنا دائما هناك، وقد اعترضت طريقك اليوم لأعطيك هذه القبعة فهي قديمة جدا لكنها قد تكون غالية الثمن. أخذت ندى القبعة وراحت تنظر إليها وتقلبها بين يديها. كانت القبعة خضراء اللون جميلة ومطرزة بألوان رائعة. نظرت ندى إلى الرجل فلم تجده فقد اختفى في لحظات. شد جمال القبعة الخضراء ندى كثيرا فنسيت أمر الرجل الغريب ووضعت القبعة على رأسها. فجأة شعرت ندى وكأنها تحلق في السماء وأضاء الكون من حولها بالأنوار ووجدت نفسها أمام حديقة غناء فيها أزهار ملونة وشلالات مياه متدفقة. ورأت ندى منزلا جميلا فاتجهت إليه وفتحت الباب، فوجدت أربعة مصابيح كبيرة، ثم سمعت من الداخل صوتا شبيها بصوت الرجل الذي أعطاها القبعة يقول لها: هيا يا ندى خذي المصابيح فهي لك. حملت ندى المصابيح، وعندما همت بالخروج من المنزل أضاءت المصابيح، ثم تحولت إلى أربع قبعات رائعة الجمال. وسمعت ندى الصوت من جديد يقول لها: هذه القبعات لك في كل واحدة منها أمنية سليها ما تريدين وسوف تحقق لك كل الأماني. أخذت ندى القبعات وهي تكاد تطير من الفرح، وخرجت من المنزل فوجدت المدرسة لطيفة بانتظارها. لقد تأخرت يا ندى، ها هو المال خذيه واشتري لأمك الدواء. شكرا يا سيدة لطيفة.. أنت حقا لطيفة لم أعد في حاجة إلى المال فقد أصبحت غنية. تركت ندى المدرسة مشدوهة وذهبت إلى البيت فوجدت أمها تنتظرها. وأخبرت ندى أمها بقصة القبعة الخضراء ففرحت الأم كثيرا. ومنذ ذلك اليوم تحولت ندى إلى فتاة ثرية وتحسنت صحة والدتها وصارت تذهب إلى المدرسة، وأحضرت لأمها خادمة لتساعدها في أعمال المنزل.
| |
|